تفسير البحر المحيط أبي حيان الغرناطي/سورة هود
페이지 정보
Rogelio 작성일25-02-05 19:55본문
بقيت زينب تحكي لي قصص الحريم حتى الفجر، وعندما سمعنا أصوات المؤذنين يدعون إلى صلاة الصبح من المساجد رأينا أنه من الحكمة أن نفترق بعد أن تواعدنا باللقاء مع كل الحذر والحيطة، واتفقنا أنها متى استطاعت أن تؤمن فرصة لنلتقي بأمان ستعلق حجابها على فرع الشجرة في وسط الباحة، والتي يمكن أن أراها من شرفتي؛ وإن لم أجده هناك أعرف أن لقاءنا غير ممكن. و لهذا نجد في الأمصار التي كانت استبحرت في الحضارة لما تراجع عمرانها و تناقص بقيت فيها آثار من هذه الصنائع ليست في غيرها من الأمصار المستحدثة العمران و لو بلغت مبالغها في الوفور و الكثرة و ما ذاك إلا لأن أحوال تلك القديمة العمران مستحكمة راسخة بطول الأحقاب و تداول الأحوال و تكررها و هذه لم تبلغ الغاية بعد. و يحصل منه الكسب و المعاش للمحترفين بالتجارة دائماً فإذا استديم الرخص في سلعة أو عرض من مأكول أو ملبوس أو متمول على الجملة و لم يحصل للتاجر حوالة الأسواق فسد الربح و النماء بطول تلك المدة و كسدت سوق ذلك الصنف و لم يحصل التاجر إلا على العناء فقعد التجار عن السعي فيها و فسدت رؤوس أموالهم.
و إلا فلا بد له من تأثير المكايسة و المماحكة في مروءته، و فقدان ذلك منهم في الجملة. و إنما معاش الناس و كسبهم في التوسط من ذلك و سرعة حوالة الأسواق و علم ذلك يرجع إلى العوائد المتقررة بين أهل العمران. و السبب في ذلك أن الناس ما لم يستوف العمران الحضري و تتمدن المدينة إنما همهم في الضروري من المعاش و هو تحصيل الأقوات من الحنطة و غيرها. لأن عمران أمصاره لم يبلغ عمران مصر و القاهرة. و سببه و الله أعلم أن الناس لحاجتهم إلى الأقوات مضطرون إلى ما يبذلون فيها من المال اضطراراً فتبقى النفوس متعلقة به و في تعلق النفوس بما لها سر كبير في وباله على من يأخذه مجاناً و فعله الذي اعتبره الشارع في أخذ أموال الناس بالباطل و هذا و إن لم يكن مجاناً فالنفوس متعلقة به لإعطائه ضرورة من غير سمين في العذر فهو كالمكره و ما عدا الأقوات و المأكولات من المبيعات لا اضطرار للناس إليها و إنما يبعثهم عليها التفنن في الشهوات فلا يبذلون أموالهم فيها إلا ياختيار و حرص. و مثل الوراقين الذين يعانون صناعة انتساخ الكتب و
댓글목록
등록된 댓글이 없습니다.