» وجرى الأمر على ذلك. » وانصرف أسفار بهذا الجواب وحدّث أبا عمر به ووقف الأمر في قبول شهادة أبي يعلى إلى أن توفّى عضد الدولة. « فاستدعاني أسفار حتى سمعت الجواب فقلت: فيب هوانا يا صاحب الجيش والله ما يقبل منى أبو العباس ذلك ولا يقدّر إلّا أنّى قد قصرت في مسئلتك مع علمه بموضعي منك وموضعك من الملك وأنك لا ترد في الكبير فضلا عن الصغير. وبعد أن هدأت قليلاً أخبرتني أن أبي أصيب ببعض الرضوض ولكن سائر العائلة بخير؛ وأن بيتنا قد تضرر وتعرض للنهب من حلفائنا الفرس، وأن غرفتي تحديداً قد تدمرت تماماً. استكتبنى عضد الدولة لأبي جعفر الحجاج بن هرمز عند وروده من ديلمان ورسم لي أن أعمل تذكرة بما يحتاج اليه راتبه في كل يوم ونفقاته في كل شهر. » ففعلا ذلك ونزل عضد الدولة وحضر الديلمي مذكرا فأخرجت اليه في الحال طاقا بغير بطانة فبقى متعجبا وأخذها وأمسك. وحكى أبو طالب أحمد بن بكر العبدى صاحب كتاب شرح الإيضاح أنّ عضد الدولة كان ضنينا بهذا الكتاب محبّا للاختصاص بقراءته دون كل أحد وإنّ رجلا توصل الى كتبه بخطه بحيلة، فأمر عضد الدولة بقطع يده لنفاسة الكتاب في نفسه وحلاوته في قلبه حتى سئل في أمره فعفى عنه. وتوفّى عضد الدولة وعلى المتصرفين والمتعطّلين من هذه الأسلاف مال جزيل كثير.

» فظننت أنّه قد استرذله وأراد ما هو أرفع منه فعدت وأخرجت من بابة أخرى ما هو أجود منه فأحضرته. وخرج الطائع لله من داره وتحته فرس صنابيّ بمركب خفيف وسرج مغريّ أحمر، وعليه قباء ملحم أسود وعمامة خزّ سوداء على رصافية وهو متقلّد بسيف، وبين يديه خمسة أرؤس فوق سروجها جلال الديباج ونزل إلى الطيّار فجلس في المجلس الأوسط على المقرمة في الدست على خلاف عادة الخلفاء فإنّهم كانوا يجلسون على سطح حرّاقة وبين يديه مجلس طيّار وقيل: إنّه فعل ذلك لأنّه كان في عقيب علّة، وأراد أن يخفى ما بوجهه من آثارها. « يا أعمى القلب ليس من هذا. « ليس من هذا طلبت. وجعل للمراعى وفرائض الصدقات ديوانا وأفرد له عمالا وكتّابا وجهابذة فارتفع من أعمال السواد ما زاد على ألف ألف درهم في السنة. » فقلت: « قد دفع به ألف وخمسمائة درهم وثمنه عليّ أ